في الوقت الذي ينخرط المغرب في الجهود الأممية لحماية البيئة، واحتضن مؤتمرَ الأمم المتحدة حول المناخ، يعيش سكان جماعة تيزنيت وسط “جحيم حقيقي”، وفق توصيف السكان، بسبب تحالُف دخان المطرح الجماعي للنفايات الواقع بالجهة الشرقية للمدينة.
ويعاني سكان جماعة تيزنيت وخاصة محيط السجن المحلي ومناطق العين الزرقاء والنخيل وطريق كلميم وحما وعدد من التجمعات السكنية القريبة منها، وعددهم يزيد على 80 ألف نسمة (إحصاء سنة 2014)، الأمرّين منذ سنوات، بسبب مطرح النفايات الذي تُرمى فيه نفايات مدينة تيزنيت، والذي يتموقع غير بعيدٍ عن بعض أحياء السكان المتضررين وهو الأمر الذي يجعلهم عُرضة لشتى أنواع التلوث والدخان الناجم عن حرق الأزبال.
وتتضاعف هذه المعاناة خلال فصل الصيف، إذ يجدون أنفسهم بين مطرقة الحرارة المفرطة وسندان دخان المطرح الذي يَحرمهم حتى من إمكانية فتح نوافذهم التماسا لنسمات هواء تخفف من حدة “الصَّهد” الذي يحوّل بيوتهم إلى شبه أفران.
وفي الوقت الذي كان الجميع ينتظر أن تتم معالجة الأزبال المتراكمة فيه وفق معايير محترِمة للبيئة ولصحة السكان؛ إلا أن العكس هو الذي حصل بعدما لجأت الجماعة إلى التخلص منها عبر حرقها مما زاد من معاناة الساكنة التي لا حول لها ولا قوّة.
كرونولوجيا
باشرت مصالح الجماعة الترابية لتيزنيت في سنة 2019، الإجراءات الخاصة بإنجاز مطرح جماعي جديد للنفايات الصلبة يكون خاضعا للمراقبة ، وتتوفر فيه الشروط التي تحترم المعايير المتعارف عليها في مجال الحفاظ على البيئة كحل للإضرار التي عانت منها الساكنة المحلية، خاصة منها سكان الأحياء المجاورة للمطرح العشوائي للنفايات الصلبة ، والذي كانت له انعكاسات سلبية كبيرة على الصحة البدنية والنفسية لهذه الساكنة وعلى المحيط البيئي ، الشيء الذي دفع ببعض الفعاليات المدنية بمدينة تيزنيت إلى رفع شكايات للجهات المسؤولة قصد إثارة الانتباه لهذه الوضعية التي لا تدعو للإرتياح .
وارتباطا بهذا الموضوع ، فقد سبق ونظمت مجموعة من جمعيات أحياء الجهة الشرقية لمدينة تيزنيت لقاء مناقشة (سنة 2018) حول موضوع :” القضايا والإشكالات البيئية بمدينة تيزنيت : المطرح الجماعي نموذجا” ، وذلك بتنسيق مع الائتلاف الجهوي للحقوق البيئية والتنمية المستدامة لجهة سوس ماسة . وقد أسفر هذا اللقاء عن مجموعة من النتائج العملية في مقدمتها استعداد الائتلاف الجهوي للحقوق البيئية والتنمية المستدامة لجهة سوس ماسة لدعم التنسيقية المحلية لتيزنيت المشتغلة في مجال البيئة ، وتعزيز التشاور والتنسيق بين الجمعيات المشتغلة في القضايا البيئية بالجهة من أجل تطوير أساليب العمل ، ومن تم الانتقال من التربية البيئية الى الترافع على الإشكاليات المطروحة امام الجهات المعنية في إطار مقاربة تشاركية.
وتجاوبا مع هذه المقاربة ، بادر مجلس بلدية تيزنيت بتنزيل مجموعة من الإجراءات الهادفة إلى توفير مطرح عمومي مراقب يحترم المعايير البيئية ، وذلك بتعاون مع الوكالة اليابانية للتعاون الدولي “جيكا”. وبهذا الخصوص قال عبد الله جوراغ;، نائب رئيس الجماعة الحضرية لتيزنيت المكلف بأشغال المدينة في تصريح سابق لوكالة المغرب العربي للأنباء إن “مصالح الجماعة قطعت أشواطا هامة في مجال إنجاز مطرح عمومي للنفايات الصلة يستجيب للمعايير القانونية ، مشيرا إلى أن الجهود منصبة الآن على البحث عن بديل للتكلفة المرتفعة لجمع ومعالجة النفايات وجعلها في حدود 200 درهم للطن، عوض حوالي 600 درهم التي جاءت بها الدراسة التي أجريت بهذا الخصوص”.
إنجاز مشروع المطرح الجديد للنفايات ، “جاء في إطار التعاون المغربي الياباني، حيث تم اختيار مدينة تيزنيت لإنجاز مشروع يهم تعزيز وتطوير طريقة تدبير النفايات،ونقلها تم تفريغها بالمطرح ومعالجتها للحد من تأثيرها السلبي على البيئة ، وكذا إحداث مركز لطمر وتثمين النفايات بمدينة تيزنيت ، وذلك في إطار تنفيذ توصيات المخطط المديري لتدبير النفايات الذي أنجز سنة 2012 من طرف عمالة إقليم تيزنيت”.
في انتظار مطرح عمومي
يذكر أنه من شأن إنجاز المطرح العمومي الجديد بمدينة تيزنيت إتاحة الفرصة لإعادة تدوير النفايات الصلبة من خلال بناء وحدة لفرز 15 طن من النفايات في اليوم ، وذلك من مجموع 70 طن التي تجمع يوميا بالمدينة والتي يسهر على جمعها 127 من عمال الكنس وسائقين ومراقبين”.
ومن المنتظر أن يتم إنجاز هذا المشروع عن طريق التدبيرالمفوض ، حيث تجدر الاشارة في هذا الصدد إلى أن الجماعة الحضرية لتيزنيت تلقت بهذا الخصوص دعما من طرف الوزارة المنتدبة المكلفة بالتنمية المستدامة يبلغ 16 مليون درهم ، .
ويتماشى هذا المشروع مع البرامج و الإستراتيجيات الوطنية في مجال تدبير النفايات الصلبة ، وكذلك مع القانون 28-00 المتعلق بالنفايات وطرق التخلص منها. وسيتم إنجازه على مساحة تقدر ب 28 هكتار وذلك على بعد 7 كيلومترات شمال مدينة تيزنيت .