قصبة أغناج بتزنيت.. رمز حضاري وشاهد تاريخي وازن

..

و م ع – يزخر المغرب بمجموعة من القصبات التاريخية التي تعد رموزا حضارية وشواهد تاريخية وازنة، ومن بين هذه القصبات العاكسة لصورة معبرة عن الهوية الوطنية، توجد قصبة “أغناج” بتزنيت.

 

ومن لم يزر هذه القصبة التاريخية كأنه لم يزر المدينة، لكونها تراثا لا يمكن تجاوزه كشاهد على عصر فيه نفحات التاريخ وملامح التراث المغربي والمحلي الذي بناه الأجداد.

 

وتعتبر قصبة “أغناج” من أقدم القصبات التاريخية التي تقع في عمق المدينة العتيقة لتزنيت بمحاذاة العين الزرقاء أو “العين أقديم”، حيث تعلوه بعدة أمتار فقط، وتبلغ مساحتها الاجمالية 6704 متر، كما تتميز بأسوارها المرتفعة المدعمة بخمسة أبراج مبنية بتقنية التراب المدكوك.

وتنسب القصبة حسب المصادر التاريخية، إلى القائد الحاحي محمد أغناج الذي قام بحملة على سوس بإيعاز من المولى سليمان سنة 1810 م، وكان قد اتخذ تيزنيت آنذاك مركزا و منطلقا لتثبيت سلطة المخزن على مجموع مناطق سوس.

وقد خصعت القصبة سنة 2009 إلى أشغال إعادة التأهيل والترميم باستعمال المواد التقليدية المعروفة كالجير والرمل والتراب ضمن مشروع تهيئة المدينة العتيقة لتزنيت وإعادة الاعتبار لها، وذلك في إطار شراكات بين وزارة الداخلية ووزارة السكنى وسياسة المدينة ووزارة الثقافة ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ومجلس جهة سوس ماسة والمجلسين الإقليمي والجماعي لتزنيت وهو المشروع الذي شمل أيضا تهيئة العين الزرقاء ومحيطها، والجامع الكبير ومركز الأرشيف، و”تيكمي ن تمازيرت” أو “دار البلاد” إلى جانب تأهيل الأبراج والسور التاريخي للمدينة القديمة.

 

وفي تصريح للوكالة المغرب العربي للأنباء، قال الأستاذ الباحث الدكتور الحسين عمري، بأن القصبة تعد النواة الأولى والأصلية لتأسيس المدينة العتيقة حيث اضطلعت في فترة من فترات التاريخ بدور تجميع القوات المخزنية، كما استعملت كقاعدة لضبط الأمن محليا قبل أن يتم توظيفها بعد فقدانها لمهمتها الأساسية كمركز سياسي وعسكري، في استعمالات مختلفة من بينها إيوائها للسجن المدني، ومركز للتكوين المهني ومستودع بلدي، إضافة إلى أقسام دراسية ابتدائية.

وأضاف السيد عمري، بأن هذه المعلمة كانت مهملة ومكوناتها مهدمة، وكانت هناك محاولات لإصلاحها باستعمال مواد مصنعة كالإسمنت وغيرها، الأمر الذي أدى إلى تشويهها من الداخل قبل أن يتم إعادة ترميمها وتأهيلها اعتمادا على تصميم يركز على الجوانب المهمة الثقافية والتراثية والبيئية ومن منطلق دراسة معمارية تراثية جديدة تروم تثمين ورد الاعتبار للقصبة.

 

وعلاقة بالمؤهلات العمرانية للقصبة، أبرز الباحث، أنه يمكن استثمارها في المجال السياحي والثقافي من خلال المحافظة على التراث المعماري والهوية ذات الخصوصيات المحلية، لما لذلك من وقع على المدينة والفضاء والإنسان سواء من الناحية الاجتماعية والاقتصادية وكذا الثقافية.

وتعتبر قصبة “أغناج” من بين المآثر التاريخية بالمدينة حيث غدت منطقة استقطاب للزوار الذين يقصدونها من كل حدب وصوب سواء المغاربة منهم أو السياح الأجانب الذين تجذبهم وتستهويهم المعالم التراثية القديمة والعمران التقليدي الأصيل.

 

وتضم القصبة مركبا تراثيا يتكون من مسرح الهواء الطلق الذي يشكل مجالا للتعبير الفني والثقافي في شكل لوحات فنية وتراثية وفرجوية إلى جانب المتحف الذي يروم تثمين وإعادة الاعتبار للذاكرة الجماعية.

 

وبغية إضفاء جمالية على المكان تم إنشاء حديقة صغيرة منفتحة على باب المتحف بداخل المركب كمتنفس وفضاء للتحسيس بأهمية التراث، كما يضم هذا المركب مشروع “تيكمي ن تمازيرت” (دار البلاد) للمنتوجات المحلية الذي بلغت نسبة أشغال إنجازه مرحلة متقدمة.

Comments (0)
Add Comment