..
تيزنيت 37 – شكل موضوع “صياغة الفضة كحامل للهوية الوطنية بمكوناتها وروافدها .. التجليات والدلالات الرمزية” محور ندوة علمية، نظمت اليوم بتيزنيت، بقاعة العروض بالمديرية الإقليمية للصناعة التقليدية، وذلك في إطار فعاليات الدورة الـ11 لمهرجان تيميزار للفضة.
وبهذا الخصوص، أبرز مدير جامعة غرف الصناعة التقليدية بالمغرب، عبد الحكيم الهلالي، أن الثقافة ضرورة أساسية في حياتنا اليومية، مشيرا إلى أنها تشكل صلة وصل بين الفرد والمجتمع يجسدها الصانع التقليدي، وعليها أن تكون مرآة للحضارات وضرورة حياتية نفعية.
وأضاف الباحث في التراث، بأن الفضة المغربية تعتبر من أرفع عناصر الإبداع والجمال والشاعرية والادخار والاستثمار والزينة والتفاخر الطبيعي أحيانا، موردا أن ماء الفضة يستخدم كعلاج لمجموعة من الأمراض بما في ذلك أمراض الجيوب الأنفية.
وذكر أن الأمازيغ في الثقافة الأمازيغية، ارتباطا بمفهوم الهوية، يتعلقون بالفضة نظرا لدلالاتها الضاربة في عمق تاريخهم، إذ يعتبرون أكثر تشبتا بالفضة كونها تعكس تميزا طبقيا وتنوعا ثقافيا، كما أن الإقبال عليها يكثر في الأعراف والأعراس والمناسبات.
من جانبه، بسط الباحث بالمعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث والمعهد العالي للإعلام والاتصال، عبد العاطي لحلو، القيمة الاعتبارية والرمزية للحلي الفضية كمكون وجزء من الهوية المغربية، مستحضرا التنوع والتعدد الذي يميز الثقافة المغربية.
ودعا لحلو إلى حث هذه فئة الصناع على استحضار الروح الإبداعية والحفاظ على الأصالة في إبداعاتهم، وإحداث متحف محلي للحلي والمجوهرات الفضية، وتشجيع البحث العلمي في هذا المجال، وكذا تنظيم تظاهرات دولية حول المبتكرات الفضية المستوحاة من الحلي القديمة، وإنتاج سلسلة وثائقية حول الحلي الفصية بكل أبعادها الرمزية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية والإستيتيكية.
أما الخبير الأكاديمي في التراث الحساني، الطالب بويا ماء العينين لعتيك، فقد ألقى نظرة عامة على صناعة ومكانة الفضة في المجتمع المغربي، عامة، والصحراوي خاصة، لافتا إلى أن صياغة الفضة لها حضور أساسي في المناسبات الاجتماعية والثقافية، كما أن “النقرة” تشكل مكونا أساسيا من مكونات المجتمع الحساني (بيضاني)، خاصة لدى المرأة، التي تحرص على صيانتها في أماكن عبارة عن خزائن جلدية، وبها يضرب المثل في الجمال والحضور بين أترابها.
وذكر أن الحلي الفضية الصحراوية تتكون من ما يعرف بـ”الخرز”، ومنها قلائد يعلق على الرأس، ومنها ما يوضع على الصدر، أو ما يحيط بالجيد والمعصم، مشيرا إلى أن المنتوجات الفضية لها مكانة تنم عن براعة الصانع المغربي.
وبدوره، أشار رئيس جمعية تيميزار للفضة بتيزنيت، عبد الخق أرخاوي، إلى أن تاريخ الصناعة الفضية يعود إلى قرون، ويمتد بمنتوجاته إلى كل مناحي الحياة وكل أطياف وطبقات المجتمع المغربي.
واستحضر في هذا الصدد ما يتميز به هذا القطاع من غنى يعود الفضل فيه إلى الصناع التقليديين من خلال التنظيمات الداخلية والضوابط الحرفية التي وضعها الصانع لتسيير شؤون الحرفة بما في ذلك القوانين والأعراف والأمناء والدلالين وتنظيم الأسواق.
وقد أتيحت للحاضرين في أشغال الندوة مناقشة مجموعة من المواضيع التي لها ارتباط بالصياغة الفضية، كما تم رفع عدد من التوصيات أبرزها الدعوة إلى إحداث خزانات ومكتبات بالمقرات الجهوية لغرف الصناعة التقليدية، تكون خاصة بالمراجع والمصادر التي تسمح للباحثين والمهتمين بالوصول إلى المعلومة المتعلقة بهذا المجال.
يشار إلى الندوة التي قام بتسييرها ذ. عبد الكريم شعوري، حضرها عدد من المهتمين والباحثين في القطاع إلى جانب ثلة من الفعاليات الجمعوية والمدنية وعدد من الصناع التقليديين.