تيزنيت 37 صحيفة إلكترونية مغربية

البلغيثي: في الحاجة إلى توضيح ونشر سيرورة اتخاد القرار الأمني

رشيد البلغيثي (كاتب وصحفي)

يمكن لأي موظف مكلف بالتدخل لِفَضِّ تظاهرة في الشارع العمومي أن يَسُب أمك، دون حرج ودون خوف من القانون، كما فعل المسؤول الترابي مع الأستاذة المتعاقدة الشابة وقال أمام كاميرا، وكله اطمئنان: قودي!

كما يمكن أن تصور الكاميرات عشرات العناصر (الأمن، القوات المساعدة، موظفين بلباس مدني.. الخ) وهم يركلون مواطنا، عاجزا، ساقطا على الأرض دون أن يحاسب عناصر القوات العمومية على خرقهم للقانون. يعلمون، جميعهم أنهم محصنون ببساطة لأنهم ينفذون التعليمات.

عندما وقفت هيئة الإنصاف والمصالحة على فداحة الجرائم التي ارتبكتها الدولة المغربية في حق أبرياء عبر جهاز البوليس دعت في واحدة من توصياتها التي لم تؤخد بعين الاعتبار إلى “توضيح ونشر سيرورة اتخاد القرار الأمني”.

ولفهم أهمية التوصية أعلاه 👆 دعوني اسرد عليكم، باقتضاب، القصة التالية:

كنا في وقفة “دانيال كالفان” وبدأ عناصر القوة العمومية في ضرب المواطنات والمواطنين بشكل وحشي. هراوات على الرؤوس والرقاب.

التعليمات كانت بسيطة: فرع لحمار تاع بوهم.

كان بجواري رجل لطيف، قيادي كبير في حزب العدالة والتنمية ومهتم بالشأن الدستوري، سألته عن مدى تناسب القوة مع طبيعة الفعل الاحتجاجي وعن المسؤولية السياسية والأخلاقية لحزبه. بقا فيه الحال فاتصل على الفور برئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران آنذاك ، استفسر الرجلُ زعيمَ الحكومة فرد عليه: والله ما فراسي هادشي!

محند العنصر أيضا، وقد كان وزيرا للداخلية، قال بطريقته الخاصة أنه “ما فراسوش” وقال للصحافة فيما بعد أن وزارته “فتحت تحقيقات داخل جهازي الأمن والقوات المساعدة، وهي في انتظار التوصل بجميع المعطيات المتعلقة بأحداث العنف التي عرفتها وقفة الرباط”. كانت الوزارة قد فتحت تحقيقا ضدها!

هل عرفنا التفاصيل؟ لا

هل نشرت معطيات متعلقة بالأحداث؟ لا

هل أقيل مسؤولون كبار؟ لا

هل أعفي عنصر الأمن الصغير الذي شق رأس Mazigh Chakir أمام عدسات المصورين بعد كسر كاميرته؟ لا

لماذا؟

لأننا لا نعرف سيرورة اتخاد القرار الأمني.

لأن التعليمات تحل محل المكتوب (La traçabilité).

لأن القرار الأمني لا يخضع لرقابة الحكومة والبرلمان.

لأن هيئة الإنصاف والمصالحة، مع الإعتذار لفقيد الوطن إدريس بنزكري، كانت نزوة.

يمكن لصورة الشاب البدين ذو التيشورت الأسود وهو يأخد الأساتذة بالنواصي والأقدام أن تكون عنوانا لأزمة بلد برمته لكن لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تختزل الأزمة فيه.

أعوان السلطة في تظاهرة الأساتذة الرافضين للتعاقد كانوا فيلقا منظما بعضهم (يحمل الشارات) وقد ظهروا في الفديوهات وهم يقومون بعمليات توقيف للمواطنين وطلبوا الإطلاع على بطائق التعريف ورافقوا موقوفين الى سيارات القوة العمومية وضربوا وقذفوا محتجين في تنسيق تام مع موظفين عموميين.

لقد مُكن أعوان السلطة يوم الثلاثاء، فعليا، من الصفة الضبطية ضدا على القانون.

أعوان السلطة قد يتقمصون دور الشخصية الشريرة في هذه التراجيديا المغربية، إذا استمرت لا قدر الله، لأن لا سبيل لهم لقول “لا” فهم أكثر الفئات هشاشة في المغرب: هشاشة مادية وقانونية. أكباش تذبح يوم الفداء.

إن المبادئ الأساسية التي لابد من مراعاتها دائما عند استعمال القوة، حسب الأمم المتحدة، هي التناسبية والقانونية والمساءلة

والضرورة وقد غابت هذه المبادئ، كلها للأسف، عن وقفة الأساتذة المعنفين.

وراء كل هذا أزمة سياسية واجتماعية خانقة يراد للاصوات التي تعبر عنها أن تبكي كما بكت الاستاذات منذ يومين أو أن تصمت وتضع على فمها كمامة كتلك التي وُضِعَت على قفا الأستاذ المجروح في شوارع الرباط.

كانت كمامة حمراء قانية.

#protect_teachers_in_morroco

اترك رد