تواضب العائلات بسوس منذ قرون، على إعداد شربة « المريس »، كوجبة رئيسية للسحور في شهر رمضان، لما لها من فوائد سحرية، خاصة في مواجهة العطش، خلال الأيام التي تعرف ارتفاعا نسبيا في درجة الحرارة، كما أنها وجبة سهلة التحضير، ولاتكلف كثيرا على ربات البيوت.
السيدة نعيمة من مدينة تيزتيت، ربة بين وأم لثلاثة أبناء، قالت في لقاء مع موقع 2M.ma ، بأن الشربة السحرية تتكون من مواد بسيطة وغير مكلفة، فالدقيق المستعمل بها، يطلق عليه « أكورن إيجان/الدقيق ذو الرائحة الزكية »، ويستخلص من الشعير الذي لم ينضج بعد.
وللحصول على هذا الدقيق، تقول السيدة نعيمة: « تُقطف السنابل في الحقول شهر مارس وبداية أبريل قبل أن يتحول لونها إلى الأصفر،، وتقوم النساء باستخراج الحب الأخضر منها، وتُطهى فوق نار هادئة لمدة نصف ساعة تقريبا، بطريقة تشبه طريقة طهي الكسكس، وهناك من يضيف أعشابا عطرية للقِدر، من قبيل الزعتر، ويمنحها ذلك طعما رائعا واسثنائيا.
وبعدها، ينشر الحب لينشف قليلا، ثم يوضع فوق نار هادئة على طبق يشبه مقلاة يطلق عليه (تافلونت)، مصنوع من الطين، ويقلى الحب لمدة نصف ساعة تقريبا، ويوضع في آلة للطحن وتفضل السوسيات الرحى (أزرك) من غيره من الآلات العصرية.
بعد ذلك تقول متحدثنا، يجمع الطحين المتحصل عليه، في سطل أو إناء، ويحكم إغلاقه حتى لايتعرض للبرد، ويخزن في مكان بعيد عن الرطوبة.
لايقتصر المريس على الشعير تقول نعيمة، فمن الأسر من يستعمل القمح الطري، وهذا مرتبط بالذوق والاختيار الذي تعتمده الأسر السوسية في اختيارها، إلا أن المتعارف عليه عند أغلب العائلات السوسية، هو أنه يصنع من قمح الشعير.
يزداد الإقبال على « المريس »، خلال شهر رمضان بشكل كبير، وأصبح أكلة مفضلة حتى لدى الشباب، يقول مصطفى فاعل إعلامي وجمعوي، وهو شاب في الثلاثينيات من عمره، يقطن بمدينة بيوكرى حاضرة إقليم شتوكة أيت بها، في تصريح للموقع: « شراب المريس أصبح من طقوسي الرمضانية منذ سنوات، والدتي تهيئ المكونات، وتسهر على إعدادها بيدها، فهي التي تهيء الدقيق، وتقوم بتنقيته، وتمحيصه فوق نار هادئة، وبعدها تقوم بقليه على مقلاة وتطحنه، وتقدمه في السحور، وأنا من المواضبين على هذه الأكلة منذ سنوات ».
فطن العديد من التجار لهذا النوع من الدقيق، واصبح متاحا للمستهلكين، خاصة لدى أصحاب المحلات المتخصصة في بيع العسل والزيوت، وتفنن الباعة في عرض أنواع من هذا الدقيق، فاضافوا إليه مواد أخرى، وأصبح متاحا طوال السنة في هذه المحلات التي تنتشر بالاسواق الكبرى، كسوق الثلاثاء بانزكان، وسوق الأحد بأكادير، وفي محلات بدأت تتناسل بمحيط المساجد بسوس.