تيزنيت 37 صحيفة إلكترونية مغربية

“مدينة الانبعاث” تتوق إلى الخروج من الركود والعودة إلى الازدهار


مثل عروس شاخت وهي في مقتبل العمر تبدو مدينة أكادير، بعد أن أوقفت جائحة “كورونا” نبْض أحد شرايينها الرئيسية، وهو السياحة، وإن كانت عجلة السياحة قد استأنفت دورانها على نحو بطيء، خلال الصيف الجاري، بفضل السياحة الداخلية.

وسط شارع الحسن الثاني، وهو أحد أكبر شوارع “مدينة الانبعاث”، يظهر على طول الرصيف حيّز اقتُلع بلاطه بعد أن أنجزت فيه أشغال وظل على حاله، بينما تبدو النافورة القريبة من مسرح الهواء الطلق مثل مكان مُقفر لا أثر فيه للحياة، تحيط بها قناة ماء دائرية تنضح بالأزبال.

في المنطقة السياحية تحوّل جزء من ساحة الأمل إلى فضاء تُركن فيه السيارات، ويظهر الطريق المتفرع عنها المؤدي إلى الكورنيش، وكذلك الأدراج جنْب حديقة وادي الطيور، في حالة سيّئة، كأن حال المدينة لا يتغير إلا من سيئ إلى أسوأ.

في المقابل يرفض المجلس البلدي فكرة أن مدينة أكادير تراجع إشعاعها، ويؤكد أن ما يدحض هذه الفكرة هو المشاريع الكبرى التي انجزها المجلس، أو ساهم في إنجازها، بمعيّة شركاء آخرين، خلال الولاية الحالية.

تفاؤل بالمستقبل

هناك مَن يقول إن أكادير “أُريد لها” أن تتراجع من أجل فسح المجال لمدينة مراكش لتزدهر سياحيا، حيث كانت أكادير هي الوجهة السياحية الأولى في المغرب قبل أن تصير ثانية خلف “المدينة الحمراء”، غير أن أكادير لا تزال تتمتع بكل المقومات لتحافظ على مكانتها كوجهة سياحية جيدة، حسب عبد الله أزنزار، فاعل رياضي بالمدينة.

يستند القائلون بأن هناك “جهة ما” عملت على إزاحة أكادير من عرش السياحة بالمغرب على جملة من الفرضيات، منها غلاء تذاكر الطائرات المتوجهة إلى أكادير من عدد من الدول الأوروبية، مقارنة بتلك المتوجهة إلى مراكش.

ويؤكد أزنزار، في تصريح لهسبريس، أن هذا المشكل مطروح، لكنه يرى أن “هناك تفاؤلا في المستقبل بعد المشاريع الملكية التي أُعطيت انطلاقتها، ومنها المشاريع السياحية التي ستعيد المدينة إلى أوْج ازدهارها”، داعيا مختلف الفاعلين إلى التحرك من أجل إيجاد حلول للإشكاليات التي تعرفها أكادير.

ثمّة مَن يربط الوضعية الحالية لمدينة أكادير بطريقة تسيير المجلس البلدي الحالي للمدينة، التي لقيت انتقادات كثيرة. ويتفق أزنزار مع هذا الرأي قائلا إن “المجلس البلدي لم يقدم لمدينة أكادير ما تستحقه، وهذا الكلام لا أقوله لوحدي، بل يقوله كثير من المواطنين هنا”.

ويبسط أزنزار مثالا بسيطا للتدليل على “تقصير” المجلس البلدي لأكادير، والذي يرأسه حزب العدالة والتنمية، في النهوض بالمدينة، قائلا بسخرية ممزوجة بجدية: “حتى بالوعات المياه لا ينظفونها. في عهد القباج (الرئيس السابق للمجلس البلدي لأكادير) كانت البلدية تقوم بواجبها، وعندما جاء هؤلاء ظلت البالوعات مهملة حتى نبت فيها “الربيع””.

ومن المنتظر أن تشهد مدينة أكادير تنافُسا محموما، خلال الانتخابات الجماعية المقبلة، بين حزبي العدالة والتنمية والتجمع الوطني للأحرار، بعد إعلان رئيس التجمع، عزيز أخنوش، عن الترشح لرئاسة عمديتها.

وفي هذا الإطار يقول أزنزار: “هناك تفاؤل بأن يُرجع أخنوش مدينة أكادير إلى ما كانت عليه خلال فترة ازدهارها إذا أصبح عمدة للمدينة”، مضيفا “شخصيا أنا متفائل بأن المشاريع الملكية ستمكن من ازدهار أكادير”.

منجزات المجلس البلدي

ما يزعمه منتقدو تسيير المجلس البلدي الحالي لمدينة أكادير من تراجُعٍ للمدينة “على مختلف المستويات”، يَعتبره مسؤولو المجلس غير صحيح، ويؤكدون أن العكس هو الصحيح، وأن المشاريع المُنجزة هي التي تزكي ذلك.

يقول محمد باكيري، نائب عمدة مدينة أكادير، في تصريح لهسبريس، “عندما نقول إن أكادير تعرف ازدهارا وتقدما، فإننا لا نقول ذلك بألسنتنا فقط، بل نبرهن عليه بالأدلة والأرقام”، قبل أن يسرد عددا من المشاريع التي أنجزها المجلس خلال الولاية الحالية، بناء على برنامج العمل 2016-2021.

وحسب المعطيات التي قدمها باكيري، فإن المجلس الجماعي الحالي لأكادير أنجز مجموعة من المشاريع المتعلقة بالبنية التحتية وتعزيز المرافق الجماعية، حيث تمت تهيئة عدد من الشوارع الكبرى، منها شارع الجيش الملكي، وشارع مولاي عبد الله، وشارع محمد الخامس، وشارع المقاومة، وشارع 13 شتنبر.

وأضاف باكيري أن المجلس الجماعي لأكادير أنجز خلال الولاية الحالية مشاريع بنيوية، لأول مرة، في قصبة أكادير أوفلا، وهي من الأماكن السياحية الشهيرة بالمدينة، كما أطلق، هذه السنة، ورش الحافلات ذات الجودة العالية، بكلفة 120 مليار سنتيم (1200 مليون درهم).

باكيري أوضح كذلك أن المجلس الجماعي لأكادير أطلق أيضا جملة من المشاريع المتعلقة بإعادة تهيئة عدد من الحدائق العمومية، منها حديقة جمال الدرة بحي الداخلة، التي ستكلف 30 مليون درهم، وإنشاء مرأب تحت أرضي بسعة 600 سيارة، فضلا عن تأهيل مدخل المدينة انطلاقا من بنسركاو، وتهيئة الطريق الممتدة من المطار إلى الميناء، وإنشاء 20 ملعبا للقرب، وإطلاق أشغال ورش متحف بنك المغرب، وإعادة تأهيل المعهد الموسيقي.

وذهب باكيري إلى القول بأن ما ينقص مدينة أكادير “هو الاعتراف من طرف البعض”، في إشارة إلى منتقدي المجلس البلدي، مضيفا “كل من يفد على المدينة سيكتشف أنها عبارة عن ورش مفتوح، وهذا دليل على أن المنجزات التي نتحدث عنها تتحقق على أرض الواقع”.

وبخصوص تراجع الإشعاع السياحي للمدينة مقارنة بالسنوات الفارطة، قال باكيري إن المدينة شهدت انتعاشة مهمة خلال سنة 2019، حيث بلغ عدد ليالي المبيت مستويات قياسية، غير أن انتشار جائحة “كورونا” أزّم القطاع السياحي على غرار باقي الوجهات السياحية، سواء في المغرب أو العالم.

وجوابا عن سؤال بخصوص غلاء أسعار تذاكر الطائرات إلى أكادير، قال باكيري إن هذا الإشكال حاضر، وأن هناك مجهودات تُبذل لتجاوزه، مضيفا أن موضوع الوضعية السياحية بصفة عامة كان مثار اجتماعات متواترة بين المجلس والسلطة ممثلة في الوالي، سواء في عهد الوالي السابق زينب العدوي أو الوالي الحالي.

اترك رد