الحصير أو “أكرتيل” أصالة سوس ماسة
يعد الحصير “أكرتيل” فنا تراثيا أصيلا استعمله الإنسان السوسي منذ مئات السنين، وانخرط في صناعته لكثرة الإقبال عليه، بل شكل في وقت من الأوقات الفراش الوحيد الذي تفترشه الأسر السوسية، وعنصرا أساسيا في جهاز العروس كرمز على إعمار بيت الزوجية،
ونظرا لكونه مصنوعا من مواد ذات أصل نباتي “أزماي” فإن أهل سوس كانوا يمنعون المشي بالحذاء فوق هذا النوع من الحصير للمحافظة على نظافته وإحترام مصدره الطبيعي.
كما يعد الحصير”أكرتيل ” رمزا لأصالة اهل سوس وقدرتهم على استثمار الثروات الطبيعية المحيطة بهم خدمة لحاجياتهم اليومية، فهذا النوع من الحصير يحمي من البرد في فصل الشتاء، وإفتراشه صيفا يعطي راحة للجسد، ومن ميزاته في السنوات الأخيرة تكييف حجمه ليتلائم مع تعدد استعماله، حيث أبدع الصانع مختلف الأحجام لتسهيل حمله في السيارات أثناء الرحلات الأسرية أو الفردية، وأبدع في شكله ليصلح كديكورللمنازل والفنادق.
ويعتبر الجانب الصحي عاملا في الاقبال عليه فهو لايسبب الحساسية كما قد تسببه أفرشة أخرى. الحصير السوسي تراث عريق في المنطقة وسفير إلى مختلف المناطق في العالم يحمل رسالة مفادها أن منطقة سوس ماسة تزخرف بثقافة فنية وجمالية تعكس نفسا إبداعيا تستحق المثول امامها واكتشافها.
هي إذن أفرشة تقليدية، كانت ضرورية داخل البيوت والكتاتيب القرآنية والمساجد، وتمتاز بخصائص متنوعة، بالدفء بردا وشتاء، نظرا لسمكها وطبيعة موادها الأولية، وصيفا بالبرودة، إلى جانب متانتها واستدامتها الطويلة، دون إغفال مميزاتها الصحية. أما في الجانب الاقتصادي، فشكلت مورد عيش وشغل لعدد لا يستهان به من ساكنة تلك المناطق؛ لكن واقع الحرفة اليوم، وغياب أدنى اهتمام من طرف الجهات الوصية، أقبر الصنعة وجعلها في عداد الحرف التقليدية المهدّدة بالزوال، ما لم تتضافر الجهود لإحياء هذا الموروث الثقافي المحلي.