تيزنيت 37 صحيفة إلكترونية مغربية

حملة انتخابية رقمية (تيزنيت نموذجا).. مع كورونا! “الديجيتال” هو الملجأ

تيزنيت 37 – متابعة

انطلقت في الساعة الأولى من يوم الخميس الحملة الانتخابية للاستحقاقات المتعلقة بانتخاب أعضاء كل من مجلس النواب، ومجالس الجماعات والجهات، والتي تشكل محطة هامة في تكريس الممارسة الديمقراطية في المغرب.

وتشكل الحملة الانتخابية، التي ستنتهي في الساعة الثانية عشرة (12) ليلا من يوم الثلاثاء 7 شتنبر 2021، مناسبة للهيئات السياسية المشاركة لعرض مضامين برامجها ومشاريعها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على الناخبين والدفاع عنها لإقناعهم بالحلول التي تقترحها لمواجهة مختلف التحديات المطروحة على البلاد.

وتنطلق هاته الحملة في سياق استثنائي يتسم بانتشار وباء كوفيد-19 وما يطرحه من إكراهات على الحملة الانتخابية في شكلها التقليدي. وأخذا بعين الاعتبار هذا المعطى غير المسبوق، فإن الأحزاب السياسية مدعوة لتطوير خارطة طريق مرنة ومتكيفة مع الظرفية الوبائية وما يترتب عنها من تداعيات، لاسيما عبر مراجعة إجراءاتها التنظيمية المتعلقة بالحملة الانتخابية من أجل الامتثال لقرارات السلطات الصحية وتوجيهات الحكومة في إطار تدبير الجائحة.

هذا الأمر دفع الأحزاب السياسية المنافسة على مستوى إقليم تيزنيت إلى تغيير استراتيجياتها التواصلية عبر اللجوء إلى تقنيات التواصل الرقمي من قبيل التناظر المرئي والمؤتمرات الهجينة (مهرجانات رقمية، نصف حضورية ..) والحضور الافتراضي عبر منصات رقمية وتطبيقات إلكترونية أو نصب شاشات عملاقة وإعداد شرائط فيديو تعريفية إلى جانب باقي الطرق الكلاسيكية والتقليدية التي دأبت الأحزاب على اتباعها خلال الحملات الامتخابية.

وهكذا، فقد اختار حزب العدالة والتنمية تقديم مرشحيه للانتخابات التشريعية والجهوية والجماعية اللجوء إلى البدائل التي يطرحها “الفضاء الرقمي” عبر تقنية المباشر على موقع التواصل الاجتماعي والمنشورات المؤدى عنها (المدفوعة) إلى جانب مشاركة فيديوهات تعريفية فيما نصب حزب التجمع الوطني للأحرار شاشة رقمية عملاقة قبالة مقره لعرض وصلاته الانتخابية والتواصل مع المواطنين وكان حزب الاتحاد الدستوري قد نظّم ندوة صحفية حضورية بُعيْد إيداع لائحته لانتخاب أعضاء مجلس جماعة تيزنيت.

من جانب آخر، مازال حضور الأحزاب، في اليوم الثالث من الحملة، محتشما ومعتمدا على ترويج ونشر لوائحها وبرامجها الانتخابية (ملصقات) أو كلمات مصوّرة عبر صفحاتها الرسمية والبروفيلات الشخصية بمواقع التواصل الاجتماعي وهو الأمر نفسه بالنسبة لمنصات التراسل الفوري (وتساب وميسنجر).

لقد غيّر الوضع الوبائي الحالي في المغرب من صورة حملة الانتخابات العامة التي كانت تتم في الشوارع والأزقة بحشود من الناس أو في التجمعات الخطابية بالهواء الطلق وحتّم تنظيم حملات انتخابية افتراضية حيث فُتح الباب أمام حملات على الوسائط الرقمية، عبر إنشاء صفحات دعاية على مجموعة من المنصات، على رأسها موقع فيسبوك، ولهذه الغاية اعتمدت بعض الهيئات السياسية على فرقها التواصلية الداخلية، فيما استعانت هيئات سياسية أخرى ومرشحون بخدمات شركات متخصصة في مجال الدعاية والتسويق.


الرقمي ملجأ الأحزاب

في ظل هذا الظرف الاستثنائي الموسوم بوباء كوفيد 19، “يبقى الفضاء الرقمي الملجأ الوحيد لكل الممارسات السياسية، وإن كان العمل السياسي في ممارسته الشكلية يعتمد على سياسة القرب والتدافع المباشر والتواصل عبر التجمعات البشرية”، يقول أستاذ القانون والعلوم السياسية بجامعة عبد الملك السعدي بطنجة، عبد الله أبو عوض.

وتابع أستاذ القانون والعلوم السياسية، أن الأحزاب السياسية “لم تستوعب الفضاء الرقمي ليكون بديلا عن الممارسات في الواقع، باعتبار نظرة جل الأحزاب إلى ذلك جانبا من جوانب الترف الزائد عن كلاسيكية العمل السياسي”.

من جهته، يرى أستاذ التواصل بالمدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بفاس، هشام المكي، أن “الحديث عن كون الحملات الانتخابية والدعاية السياسية الرقمية ستقدم بديلا عن الحملات الانتخابية المعهودة، هو كلام غير دقيق ويتأسس على ثغرة كبيرة في التواصل السياسي، وسوء تقدير لإمكاناته وأساليبه”.

ويسجل المكي أن “الأصل هو المزاوجة بين الحملات الانتخابية المعهودة والحملات الانتخابية الرقمية، في إطار استراتيجيات التواصل السياسي؛ لأن المزاوجة بين الفضاءين الرقمي والواقعي تتيح للمتنافسين الوصول إلى شرائح أوسع من الأصوات”.

واعتبر المتحدث ذاته “أننا عموما أمام سوء تقدير لأهمية التواصل السياسي، وأمام تأخر كبير في الحملات الانتخابية الرقمية الاحترافية”.

لذا يتوقع المتحدث ذاته، “أن يكون الفرق واضحا بين حملات واعية مخطط لها قبليا وعلى مهل عبر مواقع التواصل الاجتماعي والفضاء الرقمي، وبين حملات اضطرارية وارتجالية فوجئت بالإجراءات الأخيرة”.

في الإمكانات التأثيرية

الفرق سيتضح أساسا في الإمكانات التأثيرية للحملات الانتخابية “الرقمية” وقدرتها على توجيه “الرأي العام الانتخابي”، بحسب أستاذ التواصل بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، هشام المكي.

وقال المكي: “مع التطور العلمي الكبير الذي عرفه التواصل السياسي عموما، والتواصل الرقمي خصوصا، يمكن توقع اتساع مجال تأثير الحملات الانتخابية الرقمية وقدرتها على توجيه الرأي العام. وهناك شواهد من انتخابات متعددة عبر العالم تؤكد هذا الافتراض”.

وأضاف أستاذ التواصل، أن “بعض الأحزاب أظهرت وعيا حقيقيا بإمكانات استثمار الفضاء الرقمي في التواصل السياسي”.

لكن أستاذ القانون والعلوم السياسية بجامعة عبد الملك السعدي بطنجة، عبد الله أبو عوض، يؤكد على “غياب الوعي المسبق للأحزاب بأهمية الفضاء الرقمي”، مما يُصعّب من أمر استقطاب الأصوات الانتخابية.

كما أن الخطاب السياسي للأحزاب على المستوى الرقمي، “خطاب كلاسيكي فقير في محتواه بنسب بسيطة، باعتبار لغة الفضاء الرقمي تختلف عن لغة الواقع، وأساسها اللغة البصرية والقوة اللغوية في التعليق”، يردف المصدر نفسه.

اترك رد