يدفع البحث عن تحقيق الشهرة والانتشار ومراكمة علامات الإعجاب والمتابعين العديد من الأشخاص إلى خوض تحديات خطرة وبلا ضوابط قد تنقلب مآس في المحصّلة. ومثلا، تسببت التحديات المنتشرة عبر تطبيق ” تيك توك” بالكثير من الحوادث الأليمة التي انتهت في معظمها بحالات وفاة بطرق مأساوية. وقبل أيّام لقيت شابة عشرينية مصرعها بعد سقوطها من سطح بناء في منطقة إسنيورت بإسطنبول، وفقا لوكالة الأناضول.
رغبة في حصد الإعجاب وتحقيق “البوز”، صعدت الشابة صحبة إحدى قريباتها إلى سطح المبنى عند الغروب، لتصوير مقطع فيديو قبل أن ينهار لوح بلاستيكي وقفت عليه “دوغان” لتهوي من ارتفاع 50 مترا مفارقة الحياة.
حالة “دوغان” غيض من فيض الكثير من التحديات غير المسؤولة على حد تعبير المعلقين على حادثة وفاتها، معتبرين أنهم جزء من شهرتهم، وأن ما جعل هؤلاء المغمورين نجوما تقي أثرهم، وملاحقة أعمالهم، وتحدياتهم الجنونية، وفضائحهم أحيانا أوصلتهم إلى فأئمة الأعلى مشاهدة على منصات التواصل الاجتماعي على اختلاف أنواعها.
الرغبة في لفت الأنظار
وعزا الأخصائي في علم النفس الإكلينيكي جواد النبلاوي أسباب هوس الشهرة إلى البحث عن الانتماء داخل توليفة العالم الافتراضي، علاوة على رغبتهم في لفت الأنظار وسط عالم معقد يسعى إلى المثالية، مما يدفعه إلى بذل جهد مضاعف يفوق طاقته ليصل إلى هذه المثالية دون أن يأخذ بالحسبان عواقب هذه المجازفة. والأشخاص الأكثر عرضة للوقوع في فخ الهوس حسب رأي النبلاوي ” هم ضعيفي الشخصية، إذ يبحثون عن عوامل خارجية لإثبات ذواتهم لأنهم لا يملكون عوامل قوة تنبع من الباطن”.
وأضاف جواد النبلاوي بأن إشكالية إثبات الذات مرتبطة أساسا بالمحيط الذي نشأ فيه مهووس الشهرة، إذ من المرجح أن يكونوا سببا في ضعف شخصيته واستماتته في البحث عن منافذ أخرى للفت النظر.
كما رفض الأخصائي النفسي أن تعمم هذه الأسباب على كل مشاهير منصات التواصل الاجتماعي بقوله ” أحيانا المجتمع يصنع قوالب جاهزة، وأخرى براقة لهؤلاء حتى يجدوا أنفسهم مشاهير دون أن يلهثوا وراء الشهرة، وبالتالي لم تشكل هاجس لديهم منذ البداية كما هو الشأن بالنسبة لآخرين”.
تحديات تيك توك
وعبر التيكتوكر أشرف دويوس عن رأيه قائلا “يثيرني تطبيق التيك توك وطريقة اشتغاله التي تصنع شهرة لصاحبها”ّ. وعن مقاطع الفيديو المصورة على صفحته والتي تحمل مشاهد “عنف” بحضور قاصرين قال ” كان هدفي أن أسلط الضوء على أحداث من الواقع، لكن فيما بعد تراجعت عنها خوفا من أن يتأثر بها الأطفال، ويحاولون تقليدها، وبدلا من أن تكون جزءا من الحل، تصبح جزءا لا يتجزأ من المشكلة. وعلق على حوادث التيك التوك بالقول ” يمكن أن أقوم بتحديات على التيك التوك لكن دون مجازفة، إذ يمكن خلق البوز بأفكار بعيدة عن أشياء تهدد حياتنا، وتنال استحسان المتابعين.
مريم الأحمد (صحافية متدربة – مدار 21)